ملخص الشخص بين الضرورة والحرية الثانية باكالوريا
مقدمة لمحور الشخص بين الضرورة والحرية
إن الناظر إلى الشخص من زاوية شخصيته، سيبدو له خاضعا لترسانة من الإكراهات والحتميات، فقد زج به في عالم لم يختره، وتلاطمته أمواج الإشراطات البيولوجية منها والسيكولوجية والسوسيوثقافية... لكن لو نظرنا إليه من منظور آخر، أي من زاوية كونه شخصا كما فعلت جل النزعات الفلسفية المعاصرة كالشخصانية والوجودية، سيتبين لنا أن الشخص يتمتع بحرية مطلقة فيما يتصل بأفعاله. هكذا فتمزق الشخص بين إكراهات مملكة الضرورة والنزوع نحو التحرر والانعتاق سيدفعنا لطرح التساؤلات التالية :
- هل الشخص مجرد دمية تحرك خيوطها إشراطات لاواعية ؟
- هل يملك الشخص من الحرية ما يجعله قادرا على تجاوز أثر الحتميات الموضوعية التي تشرط كل سلوكاته ام انه يظل حبيسا لها ؟
مواقف وتصورات فلاسفة محور الشخص بين الضرورة والحرية
الإشكال : هل الشخص مسؤول عما هو عليه أم أنه نتاج لحتميات تتجاوزه ؟
موقف جون بول سارتر (1905 - 1980)
- الشخص حر حرية مطلقة.
يعتبر سارتر أن الشخص حر، ذلك لأن "الإنسان مشروع" باعتباره دائم التجاوز لوضعيته الأصلية، وذلك من خلال أنشطته وأفعاله، ليحقق ذاته، بواسطة تحقيقه لأحد الممكنات في المستقبل، بمعنى أن وضع الإنسان نتاج لاختياره، وذلك ما يجعله يتحمل المسؤولية عما هو عليه، وهذا يتماشى مع المقولة الأساسية في الوجودية وهي أن " الوجود يسبق الماهية".
موقف سبينوزا (1632 - 1677)
- الشخص محكوم بالضرورة والحتمية.
يعتبر سبينوزا أن الموجود الحر هو الذي وجد بذاته، لا بسبب خارجي وهو الذي يتحرك ويفعل من ذاته بفعل طبيعته وحدها وهذا لا يصدق عند سبينوزا إلا عن الله " فالله موجود وجودا حرا" وأما عالم الأشياء المخلوقة فهي كلها "محددة بأسباب خارجية في أن توجد وتتحرك بصورة محددة" وعليه فان الحرية ستكون مجرد شعار يرفعه العامة وتدافع عنه التصورات الميتافيزيقية حينما تعتبر الإنسان حرا في اختياراته، فاعلا وفق مشيئته، الشيء الذي ينتج عنه توهم الناس بأنهم أسياد أفعالهم، وذلك يخفي في جوهره جهلا بالأسباب الحقيقية المحددة لأفعالهم. إن الإنسان محكوم بحتميات وضرورات طبيعية توجهه وتخلقه سلفا.
موقف مونيي (1905 - 1950)
- الشخص يتمتع بحرية مشروطة.
الشخص حر لأنه يقبل الظرف والوضع الذي يتواجد فيه لأن الحرية لا تتحقق إلا في مواجهة العوائق والحواجز، وعن طريق الاختيار بين عدة اختيارات والتضحية، أي بذل جهد للتغلب على المعيقات الداخلية والخارجية. الحرية تتحقق داخل شروط تلزم الشخص بتأثيرها. ليست الحرية هي أن نفعل ما نريد وإنما أن نصارع ظروفا معيقة ونتغلب عليها.
موقف العلوم الانسانية
- الشخص نتاج لبنيات تتجاوز إرادته.
كشفت العديد من العلوم الإنسانية عن تعدد البنيات التي تحكم وجود الشخص، فالتحليل النفسي مثلا يؤكد أن الشخص محكوم بلاوعيه، في حين أن علم الاجتماع يؤكد على أهمية المجتمع كبنية تشرط وجود الشخص... وبهذا فالحديث عن الحرية مجرد جهل بالأسباب التي تحدد وجود الشخص.
موقف سيغموند فرويد (1856 - 1939)
- الشخص محكوم بالدوافع اللاواعية.
يعتقد فرويد أن سلوك الإنسان غالباً ما يكون موجهاً بدوافع لاواعية مثل الرغبات والغرائز المكبوتة. في نظر فرويد، الحرية الحقيقية محدودة بسبب تأثيرات اللاوعي التي تتحكم في تصرفاتنا دون أن ندرك ذلك. الإنسان قد يظن أنه يتخذ قراراته بحرية، لكن هذه القرارات غالباً ما تكون نتاجاً لصراعات داخلية ورغبات غير مدركة.
أمثلة واقعية عن الشخص بين الضرورة والحرية
مثال لموقف جون بول سارتر
شاب ينشأ في حي فقير، وبدلا من الاستسلام لظروفه المادية الصعبة، يقرر مواصلة تعليمه والعمل بجد لتحسين وضعه. بفضل إصراره واختياراته الواعية، يصبح طبيباً ناجحاً. هذا المثال يعكس رؤية سارتر بأن الشخص حر في تجاوز وضعيته الأصلية وتحقيق ذاته عبر اختياراته وأفعاله، ويتحمل المسؤولية عن نتائج تلك الاختيارات، مما يتوافق مع مقولة الوجودية "الوجود يسبق الماهية".
مثال لموقف سبينوزا
شخص يعاني من اضطراب وراثي يمنعه من ممارسة بعض الأنشطة البدنية. رغم رغبته القوية في أن يصبح رياضياً محترفاً، فإن ظروفه البيولوجية تحتم عليه الاستسلام لهذه الضرورة. هذا المثال يوضح موقف سبينوزا بأن الإنسان محكوم بأسباب خارجية محددة وجوده وأفعاله، وأن الحرية في هذه الحالة ليست إلا وهماً.
مثال لموقف إيمانويل مونيي
أم تعيش في ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تسعى جاهدة لتوفير تعليم جيد لأطفالها رغم العوائق. تقرر العمل في وظيفتين لتحسين دخلها، وتنجح في تأمين مستقبل أفضل لأطفالها. هذا المثال يعكس فكرة مونيي بأن الحرية تتحقق من خلال مواجهة العوائق والتغلب عليها، وأن الحرية المشروطة تتطلب قبول الوضع الحالي وبذل الجهد لتحقيق الأهداف.
مثال لموقف العلوم الإنسانية
طالب نشأ في بيئة اجتماعية تهمش التعليم العالي وتعتبره غير ضروري. حتى مع رغبته في تحقيق النجاح الأكاديمي، فإن الضغوط الاجتماعية والثقافية تجعله يتخلى عن حلمه. هذا المثال يوضح موقف العلوم الإنسانية بأن الشخص محكوم بالبنيات الاجتماعية والثقافية التي تتجاوز إرادته الفردية، وأن حرية الفرد تتأثر بتلك البنيات بشكل كبير.
مثال لموقف سيغموند فرويد
رجل يجد نفسه يشعر بالقلق الدائم تجاه الفشل، مما يمنعه من تحقيق نجاحات كبيرة في حياته المهنية. بعد جلسات مع محلل نفسي، يكتشف أن هذا القلق مرتبط بتجارب طفولة مكبوتة تتعلق بفقدان الأمان. هذا المثال يعكس موقف فرويد بأن سلوك الإنسان غالباً ما يكون موجهاً بدوافع لاواعية، وأن الحرية الحقيقية محدودة بتأثيرات تلك الدوافع.
تركيب للمحور
إن الانتصار للرأي القائل بأن الشخص حر بشكل كامل في اختيار مصيره، وبالتالي كونه مسؤولا عما هو عليه، لا يتنافى بالضرورة مع القبول بأهمية ودور البنيات سواء الداخلية أو الخارجية في تحديد الوجود الإنساني. وبالتالي فإن مزيدا من الوعي بما يشرط الشخص ويحدده، يعني القدرة على اكتساب قدر أكبر من الحرية.
مصطلحات المحور الثالث الشخص بين الضرورة والحرية
الشخص: كائن يتمتع بالوعي الذاتي والقدرة على التفكير والتفاعل مع العالم من حوله. الشخص يمتلك هوية فريدة ويمكنه اتخاذ قرارات مبنية على العقلانية والأخلاق. يُنظر إلى الأشخاص على أنهم وحدات مستقلة ذات حقوق ومسؤوليات في المجتمع.
الضرورة: حالة أو حالة لا يمكن أن تكون غير ذلك، أي شيء لا يمكن تجنبه أو تغييره. الضرورة قد تكون منطقية، مثل الحقائق الرياضية أو القوانين المنطقية التي لا يمكن أن تكون خاطئة، أو يمكن أن تكون ميتافيزيقية، مثل القوانين الطبيعية التي تحكم العالم.
الحرية: القدرة على التصرف أو اتخاذ قرارات دون قيود خارجية قسرية. الفلاسفة يناقشون أنواعًا مختلفة من الحرية، بما في ذلك الحرية السياسية، والحرية الشخصية، والحرية الإرادية (القدرة على اختيار الفعل بناءً على الإرادة الحرة دون حتميات مسبقة).
الحتميات او الحتمية: تشير إلى الفكرة الفلسفية التي تقول بأن كل حدث أو فعل يحدث بسبب عوامل أو شروط سابقة لا يمكن تجنبها. في هذا السياق، لا توجد حرية إرادة حقيقية، لأن كل شيء محدد بشكل مسبق بناءً على أسباب وقوانين معينة. يمكن أن تكون الحتمية فيزيائية، حيث يُعتقد أن كل حدث في الكون يخضع لقوانين الفيزياء، أو يمكن أن تكون نفسية أو اجتماعية، حيث تكون الأفعال البشرية محددة بناءً على عوامل نفسية أو اجتماعية.
ذو صلة بالمحور: امتحانات وطنية في الفلسفة مجزوءة الوضع البشري
أسئلة فلسفية حول الشخص بين الضرورة والحرية
ملاحظة: هذه الاسئلة والاقوال لم تذكر في اي امتحان وطني من قبل (يمكنك زيارة المقالة فوق لمشاهدة بعض الامتحانات حول المحور).
- هل الإنسان حر بالفعل أم أن حريته مجرد وهم؟
- هل يمكن اعتبار الإنسان حراً إذا كان محكوماً بظروف بيولوجية، اجتماعية، وثقافية محددة؟
- هل يمكن للشخص أن يكون حراً إذا لم يكن مسؤولاً عن أفعاله؟
- كيف يتفاعل اللاوعي مع مفهوم الحرية؟
- هل يمكن للإنسان أن يكون حراً إذا كانت دوافعه اللاواعية تتحكم في سلوكه؟
- هل يمكن التوفيق بين الحتمية والحرية؟
- هل نحن أحرار حقاً، أم أن أفعالنا محددة مسبقًا بعوامل خارجة عن إرادتنا؟
- ما هي العلاقة بين الحرية والضرورة؟
- ما هي حدود الحرية؟
- ما هو دور المجتمع في تحديد حرية الفرد؟
مقولات فلسفية حول الشخص بين الضرورة والحرية
- "الإنسان محكوم عليه بالحرية؛ لأنه بمجرد أن يُقذف إلى العالم يكون مسؤولاً عن كل ما يفعل."
- "الحرية الحقيقية هي أن تكون محكوماً بعقلانيتك الخاصة وليس بشهواتك."
- "الحرية ليست أن نفعل ما نريد، وإنما أن نصارع ظروفاً معيقة ونتغلب عليها."
- "الحرية تتحقق داخل شروط تلزم الشخص بتأثيرها."
- "الإنسان ليس سيد بيته؛ فاللاوعي يتحكم في جزء كبير من سلوكه."
- "الحرية الحقيقية محدودة بسبب تأثيرات اللاوعي التي تتحكم في تصرفاتنا دون أن ندرك ذلك."
- "الإنسان حر طالما أنه يجهل أنه محكوم عليه."
- "الحرية هي ما تبقى لك بعد أن تسلب منك كل شيء آخر."
- "أنا حر لأنني أختار."
- "لا توجد حرية دون مسؤولية."
- "الحرية هي القوة التي تمكننا من أن نصبح ما نختار أن نكون."
0 تعليقات