تفاوت النمو بين الشمال والجنوب المجال المتوسطي نموذجا الثانية باك
مقدمة
يشكل المجال المتوسطي ملتقى العلاقات والتفاعلات الدولية، غير أن هذه الأخيرة تتسم بعدم التكافؤ على عدة مستويات ، وهو ما دفع ببلدانه إلى العمل على إيجاد الحلول الممكنة للتخفيف من التفاوت بين ضفتي هذا المجال ( شمال/ جنوب ) في إطار الشراكة الأورومتوسطية.
فما المقصود بالمجال المتوسطي؟ وما مظاهر التفاوت بين شماله وجنوبه ؟ وما مجالات التعاون بين بلدانه ؟ وما حصيلتها وآفاقها المستقبلية ؟
خصائص المجال المتوسطي
المجال المتوسطي مجال جغرافي يتكون من مجموعة من الدول التي تطل على البحر الأبيض المتوسط من جهتي الشمال والجنوب ويقع بين خطي عرض 21 و 48 شمال خط الاستواء، وخطي الطول 40 شرقا و 17 غرب خط غرينتش ويتضمن مجموعة من المضايق أهمها: مضيق جبل طارق ومضيق قبرص ومضيق البوسفور، ومضيق قناة السويس، ويتكون المجال المتوسطي من ضفتين:
الضفة الشمالية الأوربية
تضم بلدان أوربا الغربية: البرتغال واسبانيا وفرنسا وإيطاليا وبلدان أوربا الشرقية : سلوفينيا وكرواتيا واليونان وألبانيا والبوسنة ومقدونيا وقبرص ويوغوسلافيا.
الضفة الجنوبية الإفريقية - الأسيوية
تضم المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر وفلسطين ولبنان وسوريا وتركيا.
ويتميز بمجموعة من الخصائص المشتركة بين بلدانه ممثلة في:
- الموقع على البحر الأبيض المتوسط؛
- مناخ متوسطي يتميز بفصل شتاء دافئ ورطب، ويفصل صيف حار وجاف؛
- غطاء نباتي متوسطي يتميز بالتنوع والتدرج حسب الارتفاع؛
- وجود تنوع تضاريسي بالمجال المتوسطي، متمثلة في وجود سلاسل جبلية حديثة التكوين ومجموعة من السهول والأحواض.
مظاهر التفاوت بين ضفتي المجال المتوسطي
الضفة الجنوبية الإفريقية الأسيوية
المؤهلات الطبيعية
يسود المناخ شبه الجاف والمناخ الصحراوي في الضفة الجنوبية؛
تشكل الأراضي الصالحة للزراعة نسبة 14.3%؛
تتمركز المعادن ومصادر الطاقة.
الوضعية الديموقراطية
نموا سكانيا مرتفع وبنية عمرية يغلب عليها الفئة الشيطة حيث تبلغ %62 من مجموع السكان.
الانتاج الفلاحي
تعاني بلدان الضفة الجنوبية من نقص الإنتاج الفلاحي والغذائي بسبب غلبة الأساليب التقليدية وقساوة الظروف الطبيعية .
الانتاج الاقتصادي
رغم توفر المجال الجنوبي على إمكانات وموارد طبيعية مهمة فهو يتسم بضعف التصنيع التي تغلب عليه الصناعات الاستهلاكية الاستخراجية...
المبادلات التجارية
تصدر بلدان الجنوب المتوسطي المواد الأولية الفلاحية والمعدنية والطاقية وتستورد المنتجات الصناعية تصدر بلدان الشمال المتوسطي منتجات صناعية عالية الجودة والقيمة وتعاني من تبعية اقتصادية للضفة الشمالية.
الوضعية الاجتماعية
تعاني من ضعف الدخل الفردي وارتفاع نسبة البطالة ونسبة الأمية والعجز الاجتماعي وعدم كفاية الأطر والخدمات الصحية.
يتراوح مؤشر التنمية ما بين 0.5 و 0.7 ويقل معدل الدخل الفردي عن 5000 دولار ، ولا تتجاوز نسبة التعليم 81% وتبلغ البطالة 17%.
الضفة الشمالية الأوربية
المؤهلات الطبيعية
أكثر رطوبة وأقل حرارة وتتفتح على المناخ المحيطي.
تشكل الأراضي الصالحة للزراعة نسبة 27%.
الوضعية الديموقراطية
ارتفاع نسبة الشيخوخة مما ينتج عنه حاجته الملحة لليد العاملة ويتزايد حجم النفقات المخصصة لإعالة الشيوخ حيث تبلغ نسبة الشيوخ %15.8.
الانتاج الفلاحي
تحقق بعض بلدان الضفة الشمالية فائضا في الإنتاج الفلاحي مثل فرنسا إسبانيا وإيطاليا بسبب ملائمة الظروف الفلاحية واندماج الفلاحة مع باقي القطاعات الاقتصادية.
الانتاج الاقتصادي
ارتفاع قيمة الإنتاج الصناعي وتنوع الصناعات، حيث نجد قوى صناعية كبرى في طليعتها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
تعدد المناطق الصناعية الكبرى وتنوعها.
المبادلات التجارية
تصدر بلدان الشمال المتوسطي منتجات صناعية متنوعة عالية الجودة والقيمة.
الوضعية الاجتماعية
ارتفاع نسبة التعليم وتزايد فرص التشغيل وتحسن الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
يتراوح مؤشر التنمية ما بين 0.7 و 0.9 ويتعدى معدل الدخل الفردي 10000 دولار، وتصل نسبة التعليم 97% ونسبة الأمية 2.4%.
أشكال ونتائج التعاون الأورومتوسطي
مجالات التعاون الأورومتوسطي
حدد مؤتمر برشلونة المنعقد في نونبر 1995 أسس الشراكة بين دول البحر الأبيض المتوسط والتي يمكن تصنيفها على الشكل الاتي:
في المجال السياسي: ضمان الاستقرار واحترام حقوق الإنسان والديمقراطية والتسامح الديني.
في المجال الاقتصادي : إنشاء منطقة للتبادل الحر.
في المجال الاجتماعي والثقافي: التعاون بين مكونات المجتمع المدني من أجل معالجة قضايا حقوق الإنسان والمرأة والشباب والتربية.
آليات التعاون الأورومتوسطي
تم تفعيل قرارات مؤتمر برشلونة من خلال مجموعة من البرامج:
برنامج التعاون الأورو متوسطي والمعروف باسم ميدا: وهو برنامج ممول من طرف الاتحاد الأوربي لتدعيم الشراكة بين دول ضفتي المجال المتوسطي في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمالي.
تأسيس مجموعة 5+5: هي مبادرة تعاونية بين خمس دول من شمال إفريقيا (الجزائر، والمغرب، وموريتانيا، وتونس، وليبيا) وخمس دول من جنوب أوروبا (فرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، والبرتغال، ومالطا).
حصيلة التعاون الأورومتوسطي وأفاقه
يمكن تقسيم حصيلة التعاون الأورومتوسطي إلى قسمين:
حصيلة ايجابية: تمكن بلدان الجنوب من عقد اتفاقيات الشراكة مع بلدان الشمال، تم تزايد المشاريع الاقتصادية والاجتماعية الممولة في الجنوب من طرف برنامج ميدا، إضافة إلى تزايد حجم الصادرات الجنوبية نحو الشمال، فضلا عن نمو الاستثمارات الشمالية بالمناطق الجنوبية.
حصيلة سلبية: ممثلة في ضعف نسبة المبادلات التجارية بين البلدان المتوسطية بحيث لا تمثل سرى 15% من مجموع مبادلاتها الخارجية، إضافة إلى تكريس التبعية بسبب ضعف القدرة التنافسية لدول الضفة الجنوبية التي تتحقق التكتل الاقتصادي -
خاتمة
يجسد المجال المتوسطي عدم التكافؤ بين بلدان الشمال الغنية، وبلدان الجنوب الفقيرة، ويقدم صورة واضحة عن الشلل الحاصل في علاقات التعاون بين بلدان العالم.
0 تعليقات