مقالة في درس الثورة الروسية وأزمات الديمقراطيات الليبرالية الثانية باك
هذا النموذج عبارة عن ملخص للدرس و ايضا يمكنك موضوع مقالي.
تحولت روسيا القيصرية إلى إتحاد سوفياتي وأسس بها نظام اشتراكي يفعل نجاح ثورة 1917م ،وفي نفس الوقت تأزمت أوضاع الدول الأوربية ذات الأنظمة الديمقراطية الليبرالية عقب نهاية الحرب العالمية الأولى. فما هي أهم مراحل الثورة الروسية وما عوامل اندلاعها ؟ وكيف تم بناء وترسيخ النظام الاشتراكي للإتحاد السوفياتي ؟ ثم این تجلت أزمات الديمقراطيات الليبرالية ؟
اندلعت الثورة الروسية سنة 1917م تزامنا مع الحرب العالمية الأولى ومرت عبر مرحلتين أساسيتين؛ حيث عرفت المرحلة الأولى بثورة فبراير" التي بدأتها النساء ثم انضم إليها الجنود فاتخذت طابعا سياسيا، وكان من أبرز زعماء هذه الثورة "ألكسندر كريتسكي" الذي تمكن رفقة باقي الثوار من إعلان "الجمهورية الروسية" بعد إجبار القيصر على التنازل عن السلطة، وتم تكوين حكومة مؤقتة تؤمن بالتوجهات الليبرالية والرأسمالية، مما جعلها تقرر مواصلة الحرب إلى جانب دول الوفاق. أما المرحلة الثانية فسميت " ثورة أكتوبر" أو " ثورة البلاشفة" نسبة إلى الحزب العمالي البلشفي الذي تزعمها واستطاع أن يرغم الحكومة المؤقتة على التنحي عن الحكم بسبب ضعف قدرتها في تسيير شؤون البلاد... وقد ارتبطت الثورة الروسية عموما بعدة عوامل: كان على رأسها إقدام القيصر "نيكولا الثاني " ( حكم مابين 1898 - 1917م ) على حل مجلس الدوما (أي مجلس النواب الروسي) الذي اعتبر أهم مكتسبات ثورة 1905م من أجل تقوية استبداده بالسلطة، بالإضافة إلى تضرر الأوضاع العامة للبلاد جراء مشاركتها في الحرب العالمية دون استعداد .
وعقب نجاح ثورة أكتوبر عمل البلاشفة بقيادة "ڤلاديمير اليتش اوليانوڤ (لينين)" مابين 1917و 1924م على تأسيس وبناء النظام الاشتراكي؛ القائم على منح السلطة للعمال (أي الطبقة البروليتارية) والتسيير الجماعي لدوالب الاقتصاد، بحيث تم اتخاذ عدة تدابير مباشرة بعد الثورة من قبيل تأميم وسائل الإنتاج ( الأبناك - المصانع - الأراضي الزراعية - النقل السككي ... ) وتوقيع معاهدة الهدنة ( بريست لينوفيسك) مع ألمانيا سنة 1918م بعرض الانسحاب من الحرب العالمية الأولى، كما تم تكوين الجيش الأحمر بقيادة "تروتسكي" إلا أن بعض الدول الرأسمالية تدخلت من أجل إجهاض ميلاد النظام الاشتراكي بروسيا من خلال دعم معارضي الحزب البلشفي، مما أشعل فتيل حرب أهلية مابين 1918م و1921م، فأعتمد لينين على إجراءات "شيوعية الحرب" عبر تسخير كل مؤهلات البلاد لتحقيق الانتصار.
وبعد انتهاء خطر الحرب الأهلية على إثر هزيمة الجيش الأبيض الموالي للمعارضة؛ اضطر لينين إلى اتخاذ تدابير أخرى لإعادة تحريك عجلة الاقتصاد سميت "بالسياسة الاقتصادية الجديدة" (النيب) ما بين 1921 و1927م، وتضمنت قرارات شملت الميادين الفلاحية والصناعية والتجارية، كما أنها كانت تتشابه شيئا ما مع توجهات النظام الرأسمالي؛ إذ سمح للفلاحين ببيع فائض إنتاجهم، وتراجعت الدولة عن انتزاع الأراضي الزراعية بالقوة، ومنح الفلاحون إمكانية اكتراء الأراضي وتشغيل الأجراء، بالإضافة إلى استقطاب الرساميل الأجنبية والتراجع عن تأميم المقاولات الصغرى، في حين اكتفت الدولة بحق المراقبة وجبي الضرائب، وتمت تقوية النظام الروسي عبر إعادة توحيد البلاد على أسس جديدة تراعي تنوع قومياتها؛ بحيث أسس لهذا العرض اتحاد فيدرالي عرف "بالإتحاد السوفياتي " سنة 1922م.
وحين توفي لينين سيطر "جوزيف ستالين " على مقاليد السلطة مابين 1924 و1953م، وسخر قدراته ومؤهلات بلاده لتقوية وترسيخ النظام الاشتراكي، معتمدا في ذلك على "سياسة التخطيط" القائمة على إطلاق المشاريع الخماسية (أي مشاريع يتم إنجازها خلال 5 سنوات) الهادفة إلى تحويل اقتصاد الإتحاد السوفياتي من التوجه الفلاحي إلى التوجه الصناعي، ومحو الطبقات لبناء مجتمع إشتراكي ... ، فتمكن في غضون سنوات قليلة من إنشاء مصانع ضخمة للصلب والحديد والجرارات والأجهزة الميكانيكية، وكذلك السيارات والمواد الكيماوية، كما جعل بلاده تتصدر دول العالم في ما يخص إنتاج الطاقة الكهربائية..... وموازاة مع هذه الإنجازات اصدر دستورا للبلاد سنة 1936م أقر ملكية الدولة لوسائل الإنتاج، واعترف بكون الإتحاد السوفياتي يضم 11 جمهورية فيدرالية، فضلا عن إعطائه للحزب البلشفي السلطة الفعلية في الحكم.
وتزامنا مع هذا التحول الذي شهدته روسيا تعرضت الدول الرأسمالية من قبيل إيطاليا وفرنسا لأزمات سياسية واجتماعية؛ تمثلت في كثرة الإضرابات العمالية وضعف سلطة الحكومات بسبب تضارب توجهات الأحزاب، مما ساهم في صعود أنظمة ديكتاتورية إلى الحكم مثل النظام الفاشي بإيطاليا والنازي بألمانيا، اللذان تميزا بالإنفراد المتشدد بالسلطة والنزوع إلى القومية، إضافة إلى المعارضة المتعصبة لمبادئ الحرية.
أعطت هذه الظروف للإتحاد السوفياتي فرصة من أجل اللحاق بركب الدول الكبرى وتحقيق السبق في العديد من الميادين الاقتصادية، على عكس الليبراليات الأوربية التي تزعزعت أركانها وتبعثرت أوراقها بسبب تابعات الحرب وانتقال عدوى الأزمة الكبرى لسنة 1929م.
المصدر: الداعم في التاريخ والجغرافيا للاستاذ عبد الخالق الخلطي.
0 تعليقات