مقالة وملخص درس المغرب الاستغلال الاستعماري في عهد الحماية الثانية باك
مقدمة
عانى المغرب من الاستغلال الاستعماري خلال عهد الحماية (1912م - 1956م) مما انعكس سلبا على اقتصاده وشعبه، فما مظاهر هذا الاستقلال؟ وما طبيعة الآليات والوسائل التي وظفت فيه ؟ ثم أين تجلت انعكاساته الإقتصادية والاجتماعية بالمغرب؟
تنوعت واختلفت مظاهر الاستغلال الاستعماري للمغرب في زمن الحماية بحيث شملت القطاعات الفلاحية والصناعية والتجارية وحتى الخدماتية، تجسدت في استحواذ المعمرين على أجود وأحسن الأراضي الزراعية بغرض إنتاج مواد متنوعة (مثل القمح والكتان والقطن والتبغ والشمندر السكري وعنب الخمور .. )، واستغلال العديد المناجم لاستخراج المعادن والمواد الطاقية ( من قبيل الفوسفاط والكوبالط والحديد والفحم الحجري ..) في العديد من المناطق. كما استعملت اليد العاملة المغربية ذكورا وإناثا صغارا وكبارا في جميع أنشطة الاستغلال الاستعماري بأجور بخسة وأحيانا بدون مقابل (السخرة). وأسس المعمرون كذلك بنيات تجارية كبرى تمارس البيع بالجملة وبالتقسيط.
ووظفت سلطات الاستعمار الأجنبي آليات عدة بهدف إنجاح استغلالها لثروات وشعب البلاد؛ فقد أصدرت قوانين وظهائر تخدم مصالحها الإستعمارية مثل ظهير التحفيظ العقاري (12غشت 1913م) وظهير تحديد الملك الغابوي (1917م)، زيادة على فرض الضرائب المتعددة إلى جانب ضريبة الترتيب على فئات الشعب المغربي، واستغلال مياه الأنهار لاستخراج الطاقة الكهربائية وسقي أراضي المعمرين عبر بناء السدود، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية الخاصة والعمومية في إطار الاستعمار الخاص والاستعمار الرسمي، وأنشئت كذلك بنيات تحتية كالطرق والسكك الحديدة والأنفاق والقناطر والمطارات ... للرفع من مردودية الإستغلال وتصدير المواد الأولية للدول الأوربية، كما تم تجاهل تكوين قاعدة صناعية في المغرب لترك أسواقه دائمة الحاجة للمنتجات المصنعة الخارجية.
وخلف هذا الجشع الإستعماري انعكاسات سلبية مست جميع شرائح المجتمع؛ حيث فقد الفلاحون أراضيهم وأصبحوا مجرد أجراء للمعمرين، وأفلس الحرفيون بسبب منافسة البضائع الخارجية لمنتجاتهم التقليدية، وتقلصت أرباح التجار الكبار المغاربة بفعل تحديد نسبة المساهمة في رأسمال الشركات الكبرى في 5%، أما العمال فتضرروا من انعدام التأمين وغياب الحق النقابي وانخفاض الأجور والطرد التعسفي، مما تسبب في تدني مستوى عيشهم . وبالنسبة لخزينة الدولة المغربية فلم تسلم بدورها من سلبيات الاستغلال الاستعماري؛ فقد تقلصت مداخيلها وارتفعت نفقاتها، وعلى طول مدة عهد الحماية ضل الميزان التجاري المغربي يسجل عجزا مهولا جراء ارتفاع قيمة وارداته وانخفاض قيمة صادراته. وزيادة على هذه التابعات فإن المغرب كان دائم التأثر بالأزمات التي تشهدها الدول الأوربية وخصوصا فرنسا؛ إذ تمت مضاعفة وتيرة الاستغلال والضغط على الموارد المغربية لمواجهة تداعيات الأزمة الكبرى لسنة 1929م، وتموين جيش الحلفاء إبان معارك الحربين العالميتين الأولى والثانية.
استغلت سلطات الحماية الفرنسية والاحتلال الاسباني فترة وجودهما في المغرب لاستنزاف خيراته المادية وطاقاته البشرية، إلا أن المغاربة ملكا وشعبا وعوا بضرورة بذل الجهود لإنهاء الوجود الأجنبي بالبلاد، وانطلقوا في مشوار المطالبة بالاستقلال.
مصدر المقالة : الداعم في التاريخ والجغرافيا للأستاذ عبد الخالق الخلطي.
0 تعليقات