تحضير نص تمثال رائع اولى باك اداب اللغة العربية الصفحة 84

تحضير نص تمثال رائع اداب اللغة العربية

المستوى : الاولى باكالوريا - اداب وعلوم انسانية

كتاب النجاح في اللغة العربية اللغة العربية الصفحة 84

المجزوءة الثانية: محور الشعر العربي والتحولات الحضارية والاجتماعية نموذج من الشعر الأندلسي

مقدمة

منذ قيام الدولة الاسلامية العربية في الاندلس والحياة الحضارية والثقافية تعرف تطورا مذهلا شمل جميع المجالات، وذلك راجع للاختلاط العرقي بين العرب والبربر والقوط والافرنج من جهة، وبين المسلمين والمسيحيين واليهود من جهة اخرى، مما شكل مرتعا خصبا للتحاور والتبادل الثقافي، ومجالا فنيا ابداعيا ارتوى منه الشعراء العرب، فظهر هذا التأثير في قصائدهم الشعرية على مستوى الأفكار والصور البلاغية والمعجم الحضاري الأندلسي.

ملاحظة النص

العنوان: "تمثال رائع": هو تركيب وصفي، الموصوف: "تمثال" وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره "هذا"، والصفة "رائع". ودلاليا يشير الى ان الشاعر سيصف تمثالا ويبرز مواطن الجمال والروعة فيه.

مطلع القصيدة: مدح الشاعر مخاطبه، مبررا ما أصابه منه من كرم واحسان.

البيت الاخير: ابراز الشاعر علو مكانة ممدوحة بين الملوك.

انطلاقا من العنوان ومطلع القصيدة ونهايتها، يبدو أننا بصدد قصيدة من الشعر الأندلسي يمدح فيها الشاعر ملكا من ملوك الأندلس.

تأطير النص

نمط النص ومجاله: قصيدة من الشعر العمودي ذات نظام الشطرين تندرج ضمن الشعر الاندلسي المعبر عن التحول الحضاري والاجتماعي والثقافي.

مصدر النص : النص مقتطف من (ديوان ابن زيدون ورسائله)، شرح وتحقيق علي عبد العظيم، دار نهضة مصر، القاهرة، ص 239 - 242 (بتصرف).

صاحب النص

أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون (463/394) وزير وكاتب وشاعر أندلسي، عرف بحبه لولادة بنت المستكفي. ولد في قرطبة لاسرة من فقهاء قرطبة من بني مخزوم. تولى ابن زيدون الوزارة لأبي الوليد بن جهور صاحب قرطبة، وكان سفيره الى أمراء الطوائف في الأندلس، ثم اتهمه ابن جهور بالميل الى المعتضد بن عباد صاحب اشبيلية، فحبسه. وتمكن ابن زيدون من الهرب، ولحق ببلاط المعتضد الذي قربه اليه، فكان بمثابة الوزير. وقد أقام ابن زيدون في اشبيلية حتى توفي ودفن بها في عهد المعتمد بن عباد.

بناء فرضية النص

انطلاقا من دراسة المؤشرات الخارجية، نفترض أن الشاعر سيمدح ملكا من ملوك الأندلس ويصف جمال وروعة قصره.

فهم النص

الشرح اللغوي

النشب: المال.

اهتبال: اغتنام.

الفرند: صفيحة السيف.

دمية: تمثال أو منحوتة.

بشر: جلد أبيض.

مهيض: مكسور الجناح.

المضمون العام

مدح الشاعر لأمير اشبيلية، لما لقي من طرفه من كرم و رعاية، واصفا بستان قصره، مظهرا اعجابه بطبيعته ومعماره الرائع.

الوحدات الدلالية 

الوحدة الأولى (1-3): مدح الشاعر لأمير والاشادة به نظرا للمنزلة التي بوأه اياها.

الوحدة الثانية (4 - 13): اعجاب الشاعر بحديقة قصر الأمير، مصورا مظاهر الجمال والابداع فيه.

الوحدة الثالثة (14 - 16): اعتراف الشاعر بفضائل الأمير والدعاء له بالنصر.

تحليل النص

الحقول الدلالية

حقل دال على المدح : الأيادي، نشب وافر، جاه عريض، شكر، اهتبال، نعماك.

حقل دال على الطبيعة : نسيم، الورد، جنة عدن، مسك، الزلال، الحمائم، ظل.

حقل دال على العمارة: مشيدة المبنى، حمة، الرخام، مرمر، دمية ...

العلاقة بين الحقول هي علاقة ترابط وتكامل، الجامع بينها هو المدح الذي عبر فيه الشاعر عن الاشادة بكل ما له علاقة بسلطان الأمير من قصور وحدائق، تزيد من عظمته ومكانته.

الأساليب البلاغية: (الاستعارة)

وظف الشاعر الاستعارة، لتقريب المعنى واضفاء جمالية شعرية على القصيدة، مبرزا جمال حديقة القصر وروعة البناء فيها.

الاساليب البلاغية: (التشبيه)

وظف الشاعر التشبيه، لتقريب المعنى وبيان جمال الطبيعة في حديقة قصر الأمير، واضفاء مسحة جمالية على معاني القصيدة.

البنية الايقاعية

الايقاع الخارجي:

- نظم الشاعر القصيدة على وزن بحر الخفيف.

- اعتماد الشاعر على روي الضاد المضمونة المشبعة.

- وحدة القافية المطلقة: ع(رِيضُوْ)، غَ(رِيضُوْ): (/ه/ه).

الايقاع الداخلي:

- تكرار بعض الحروف (الضاد، اللام، النون ...)

- تكرار وزن الصرفي فعيل: (غريض، مهيض)

- اعتماد التصريع في مطلع القصيدة: (البِيض/عريضُ)

هذه البنية الايقاعية تجلت في موسيقى عفوية استجابة للحظة شاعرية مكنت الشاعر من الافصاح عما يشعر به من اعجاب لحديقة قصر الامير، واعجاب بشخصيته ومكانته.

الأساليب والجمل

يمكن ملاحظة هيمنة الأساليب الخبرية، وهو ما يلائم غرضي المدح والوصف، كما يلاحظ زواج الشاعر بين الجمل الاسمية والجمل الخبرية بشكل متكامل من أجل مدح الأمير ووصف الحديقة، باعتبار أن الجملة الاسمية تدل على الحركية والتفاعل:

الجمل الاسمية: نشب وافر، بشر ناصع، حمة مشيدة، خد أسيل، محيا طلق...

الجمل الفعلية: غمرتني، يشفي النفوس، غنت الحمائم، استقام قضيب البان ...

الضمير المهيمن:

يلاحظ في القصيدة هيمنة ضمير المتكلم العائد على الشاعر: (غمرتني، شكري، بوأتني،حسبي...)

بالموازاة مع حضور ضمير المخاطب الموجه الى الممدوح: (لك، نعماك، دم، وليك، مساعيك، أنك ...)

وحضور ضمير المخاطب بشكل بارز فرضته طبيعة غرض المدح الذي يقتضي توجيه الكلام مباشرة للممدوح حتى يكون أكثر واقعا وتأثيرا.

قيمة النص ومقصديته

قيمة حضارية: تتجلى في بيان القصيدة مظاهر التحولات الحضارية في العصر الأندلسي.

قيمة فنية: تتمثل في كون القصيدة نموذجا للتجديد في الشعر الأندلسي.

تركيب النص

في هذه القصيدة العمودية للشاعر ابن زيدون، والتي تندرج ضمن الشعر الأندلسي المعبر عن التحولات الحضارية والاجتماعية والثقافية التي عرفها المجتمع العربي الأندلسي، خاصة في غرض المدح والوصف، حيث أضفى الشاعر على ممدوحه وموصوفه مجموعة من الصفات ذات الطابع الاسلامي الأندلسي، موظفا حقول معجمية تندرج ضمن مجال المدح والوصف والعمارة والنحت، متوسلا بضمير المتكلم والمخاطب، وبحر الخفيف، زادت من جمال القصيدة وقيمتها الفنية في التعبير عن التحولات الحضارية والثقافية في الاندلس.