نص رحلة الى الايمان اولى باك
كتاب النجاح في اللغة العربية الصفحة 21 مسلك الآداب والعلوم إنسانية
المجزوءة الأولى - الدورة الأولى
محور الشعر العربي القديم والتعبير عن الذات نموذج من الشعر الإسلامي
النص
أَلَم تَغتَمِض عَيناكَ لَيلَةَ أَرمَدا ☸ وَعادَكَ ما عادَ السَليمَ المُسَهَّدا
وَما ذاكَ مِن عِشقِ النِساءِ وَإِنَّما ☸ تَناسَيتَ قَبلَ اليَومَ خُلَّةَ مَهدَدا
وَلَكِن أَرى الدَهرَ الَّذي هُوَ خاتِرٌ ☸ إِذا أَصلَحَت كَفّايَ عادَ فَأَفسَدا
شَبابٌ وَشَيبٌ وَاِفتِقارٌ وَثَروَةٌ ☸ فَلِلَّهِ هَذا الدَهرُ كَيفَ تَرَدَّدا
وَما زِلتُ أَبغي المالَ مُذ أَنا يافِعٌ ☸ وَليداً وَكَهلاً حينَ شِبتُ وَأَمرَدا
وَأَبتَذِلُ العيسَ المَراقيلَ تَغتَلي ☸ مَسافَةَ ما بَينَ النَجيرِ فَصَرخَدا
فَآلَيتُ لا أَرثي لَها مِن كَلالَةٍ ☸ وَلا مِن حَفىً حَتّى تَزورَ مُحَمَّدا
مَتى ما تُناخي عِندَ بابِ اِبنِ هاشِمٍ ☸ تُريحي وَتَلقَي مِن فَواضِلِهِ يَدا
نَبِيٌّ يَرى ما لا تَرَونَ وَذِكرُهُ ☸ أَغارَ لَعَمري في البِلادِ وَأَنجَدا
لَهُ صَدَقاتٌ ما تُغِبُّ وَنائِلٌ ☸ وَلَيسَ عَطاءُ اليَومِ مانِعَهُ غَدا
أَجِدَّكَ لَم تَسمَع وَصاةَ مُحَمَّدٍ ☸ نَبِيِّ الإِلَهِ حينَ أَوصى وَأَشهَدا
إِذا أَنتَ لَم تَرحَل بِزادٍ مِنَ التُقى ☸ وَلاقَيتَ بَعدَ المَوتِ مَن قَد تَزَوَّدا
نَدِمتَ عَلى أَن لا تَكونَ كَمِثلِهِ ☸ وَأَنَّكَ لَم تُرصِد لِما كانَ أَرصَدا
فَإِيّاكَ وَالمَيتاتِ لا تَأكُلَنَّها ☸ وَلا تَأخُذَن سَهماً حَديداً لِتَفصِدا
وَذا النُصُبِ المَنصوبَ لا تَنسُكَنَّهُ ☸ وَلا تَعبُدِ الأَوثانَ وَاللهَ فَاِعبُدا
وَلا السائِلَ المَحرومَ لا تَترُكَنَّهُ ☸ لِعاقِبَةٍ وَلا الأَسيرَ المُقَيَّدا
وَلا تَسخَرَن مِن بائِسٍ ذي ضَرارَةٍ ☸ وَلا تَحسَبَنَّ المَرءَ يَوماً مُخَلَّدا
تعريف الشعر العربي
الشعر العربي هو فن قديم، ويعرف بأنه كلام مقفى موزون، و قد كان قبل الإسلام ديوان العرب، و سجلهم التاريخي و الاجتماعي و الملحمي. وكانت العرب تقيم الأفراح إن برز من أبنائها شاعر مبدع، فالشعر عند العرب قديما كان يرفع من شأن قبيلة ويحط من قيمة أخرى و الأشعار العربية القديمة تطرقت قصائدها إلى مواضيع و أغراض شتى، مما كان يربط الناس بعضهم بعضا أو بالطبيعة: فتناول الشاعر الجاهلي في قرضه الغزل و المدح و الفخر و الشجاعة و الرثاء و الهجاء، فكان بحق صورة لواقعه ينطق بكل ما يثير إعجابه أو حزنه أو حماسته...
ملاحظة النص
مطلع القصيدة: شكوى الشاعر من الأرق و السهاد، لكثرة معاناته.
المقطع الأخير: بيان الشاعر بعض العبادات و القيم التي دعا إليها الإسلام.
انطلاقا من العنوان و مطلع القصيدة و نهايتها، يبدو أننا بصدد قصيدة من الشعر الإسلامي يعبر فيها الشاعر عن خوالجه النفسية.
تأطير النص
صاحب النص: هو ميمون بن قيس بن جندل، من بني قيس بن ثعلبة، يعرف بأعشى قيس، ويكنى بأبي بصير، والأعشى الكبير.
كانت ولادته ووفاته في قرية منفوحة ، أحد أحياء مدينة الرياض ، وفيها داره وبها قبره.
كان كثير الوفود على الملوك من العرب و الفرس، فكثرت الألفاظ الفارسية في شعره. كان غزير الشعر، يسلك فيه كل مسلك، وليس أحد ممن عرف قبله أكثر شعرا منه.
كان يغنى بشعره فلقب بصناجة العرب، اعتبره أبو الفرج الأصفهاني، كما يقول التبريزي: أحد الأعلام من شعراء الجاهلية وفحولهم. لقب بالاعشى لضعف بصره، وعمي في أواخر عمره، توفي عام 7 ه/ 629م.
بناء فرضية النص
انطلاقا من دراسة المؤشرات الخارجية، نفترض أن الشاعر سيقوم برحلة إلى يثرب تشوقا للقاء رسول الله.
فهم النص
الشرح اللغوي
السليم : الملدوغ.
العيس: الإبل.
المراقيل: الإبل سريعة السير.
يممت: قصدت.
المضمون العام
توجه الشاعر إلى يثرب لملاقاة الرسول صلى الله عليه وسلم، بحثا عن الطمأنينة للتخلص معاناته النفسية.
الوحدات الدلالية
الوحدة الأولى (1-5): تصوير الشاعر معاناته النفسية وكثرة تقلب أحواله المادية و الاجتماعية.
الوحدة الثانية (6-9): وصف الشاعر حالة الناقة و هي في الطريق تحث السير لبلوغ بيت الرسول صلى الله عليه وسلم.
الوحدة الثالثة (19-10): اشادة الشاعر بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، مبرزا بعض العبادات و المكارم التي دعا اليه الإسلام.
تحليل النص
الحقول الدلالية
الحقل الدال على الجاهلية | الحقل الدال على الإسلام |
---|---|
عشق النساء، أبغي المال، أبتذل، الدهر خائر، أكل الميتات، ذا النصب، الشيطان، السخرية، السائل المحروم، الأوتاد، تفصد.. | نبي، تزور محمد، يثرب، وصاة محمد، الله، حمدا، ابن هاشم، لا تعبد الأوثان، لا تحمد الشيطان، صل على حين العشيات... |
العلاقة بين الحقلين هي علاقة تضاد و تنافر، تبرز انتقال الحالة النفسية للشاعر من القلق و الاضطراب في العصر الجاهلي، إلى حالة الأمن والاطمئنان في العهد الإسلامي.
الضمائر المعتمدة
ضمير المتكلم العائد على الشاعر | ضمير الغائب العائد على الرسول صلى الله عليه وسلم | ضمير المخاطب العائد على العموم |
---|---|---|
ما زلت، أبغي، أنا يافع، شبت، أبتذل، السائلي، تناسيت، اليت، لا أرثي، | فواضله، يرى، أغار، أنجد، له صدقات، مانعه، أوصى، أشهد... | أجدك، لم تسمع، أنت، لم ترحل، لاقيت، ندمت، أنك، لم ترصد، إياك... |
يتوزع النص ثلاثة ضمائر متباينة: ضمير المتكلم ويعود على الشاعر و يبرز اضطراب نفسيته الباحثة عن الاستقرار، و ضمير يعود على الرسول صلى الله عليه وسلم ، و الذي يمثل القدوة الحسنة في الأخلاق والعبادة، وضمير المخاطب الذي يوجه في الشاعر لكل مخاطب يعيش نفس الحياة التعسة للشاعر ويبحث عن مخرج سليم مطمئن ...
الصورة الشعرية
- وظف الشاعر التشبيه في البيت الأول، حيث شبه نفسه في حالة السهاد بالملدوغ الذي لا يستطيع النوم.
- كما وظف الاستعارة من خلال البيت الثالث، حيث استعار الغضب للدهر ليبين تقلباته و تأثيره على حياته و حالته النفسية.
البنية الايقاعية
الإيقاع الخارجي:
- نظم الشاعر القصيدة على بحر الطويل.
"طويل له دون البحور فضائل، فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن"
- قافية مطلقة دالية الروي (مسهدا ، مهددا، أفسدا...)
الإيقاع الداخلي:
هذه البنية الإيقاعية مكنت الشاعر من التعبير عما يختلج في نفسه من احاسيس ترجمت الانفعالات والتحولات الذاتية التي عرفها الشاعر بسبب الدين الإسلامي.
الأساليب
الأساليب الانشائية :
ـ النداء : " أيهذا السائلي "
ـ النفي : « لا أرثي... ".
- الامر : "صَلِ ..."
النهي : "لا تعبد . "
الأساليب الخبرية :
وهي المهيمنة على النص، بحكم إخبارنا الشاعر عن أحواله قبل الإسلام و بعده.
أنواع الجمل:
الجمل الفعلية: و قد توسل بها الشاعر لبيان أحواله الذاتية غير المستقرة و المضطربة و المتغيرة باستمرار.
الجمل الاسمية: و قد اعتمدها الشاعر عند مدحه للرسول صلى الله عليه وسلم، مبرزا ما يتحلى به من مكارم الأخلاق.
قيمة النص ومقصديته
قيمة فنية أدبية : تتمثل في كون القصيدة نموذجا للشعر الإسلامي في التعبير عن الذات.
قيمة إسلامية : تتجلى في إبراز بعض القيم الإسلامية التي دعا إليها الدين الإسلامي.
تركيب النص
في هذه القصيدة العمودية، التي تندرج ضمن نمط الشعر الإسلامي المعبر عن الذات، و نموذجا للتأثير القوي للإسلام، الذي غير نمط حياتهم و تفكيرهم في كل المجالات، أبرز الأعشى و هو في الطريق إلى المدينة المنورة، ما كان يعانيه من أوهام و اضطرابات في الجاهلية، مادحا الرسول صلى الله عليه وسلم و الأخلاق الكريمة التي كان يتصف بها، و ما دعا إليه من توحيد و عمل صالح، الشيء الذي كان له التأثير الإيجابي القوي على شخصية الشاعر.
و يلاحظ أن الشاعر اعتمد نظام الشطرين، و بعض الصور البلاغية، الأساليب الخبرية و الإنشائية، و اعتماد بنية إيقاعية زادت من روعة القصيدة و جمال مسحتها الدينية.
إرسال تعليق