المحور الأول : الواجب والإكراه مفهوم الواجب مجزوءة الاخلاق

الكاتب: Mohammed Salmiتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال: تحليل فلسفي لمفهوم الواجب والإكراه مفهوم الواجب مجزوءة الاخلاق الثانية بكالوريا مادة الفلسفة ستجد ملخص مواقف واراء الفلاسفة وامثلة من الواقع ومفاهيم

 

ملخص الواجب والاكراه الثانية باك مفهوم الواجب مجزوءة الاخلاق

مقدمة المحور الأول الواجب والإكراه

إن الواجب هو الأمر الأخلاقي الملزم لكل الناس، إلا أن التناول الفلسفي لهذا المفهوم يختلف حسب الفلاسفة. فبعضهم يعتبره أمرا أخلاقيا عقليا يستجيب لنداء العقل بغض النظر عن أي دوافع وميول، وبغض النظر عن النتائج والفوائد المأمولة من أدائه. لكن البعض الآخر من الفلاسفة يؤاخذون على هذا التصور مثاليته وصوريته وصرامته، ويرون أن الواجب مرتبط بالظروف الاجتماعية والنفسية، ومنه فهو مرتبط بالعادة أو بالنظام الديني والأخلاقي للمجتمع، أو استجابة لتصورات وحاجات فئة اجتماعية أو عرقية أو غيرها.

ومن هنا تنشأ مفارقة: كيف يمكن للواجب أن يكون حرا نابعا من الإرادة والعقل، وفي الوقت نفسه إلزاما مفروضا من المجتمع أو القانون؟

وبناء على هذه المفارقة، يطرح التساؤل المركزي:

هل الواجب إكراه أم إرادة حرة؟

هل الواجب يصدر عن إرادة فاعلة وحرة أم هو فعل تحكمه الضرورة والإكراه؟



تحضير درس الواجب والإكراه الثانية باكالوريا

الإشكالية

هل الواجب يصدر عن إرادة حرة وفاعلة، أم هو فعل تحكمه الضرورة والإكراه ؟

لماذا سمة الواجب هي الإكراه ؟ وهل الواجب قائم على الإلزام وحده ؟

ما علاقة الواجب بالعقل والإرادة ؟ وما علاقة الواجب بالميل والرغبة ؟


مواقف واراء الفلاسفة الواجب والإكراه

موقف إيمانويل كانط (1724 - 1804)

الواجب التزام نابع من العقل العملي.

شكلت فلسفة كانط لحظة حاسمة في تأسيس مفهوم الواجب الأخلاقي، فقبل كانط ركزت فلسفات الأخلاق على الفضائل أو الدوافع والغايات الموجهة للفعل الإنساني كما ربطت الواجب بالمصلحة الذاتية باعتبارها المحرك لكل فعل أخلاقي، وفي كل هذه التصورات تم ربط الواجب بالغاية التي تحدد قيمته انطلاقا من الآثار المترتبة عليه. لكن مع كانط سيتم ربط الواجب بالعقل، إن الواجب مرجعه العقل وغايته فقط احترام القانون الأخلاقي. إن الواجب مع كانط هو امر وفعل الزامي، نقوم به احتراما للقانون الأخلاقي الذي يشرعه العقل. لذلك فالواجب في جوهره التزام عقلي حر، ومن ثمة ضروريته، شموليته ، وكونيته.

موقف فريدريك نيتشه (1844 - 1900)

الواجب اندفاع فردي يخدم قوة الحياة.

على النقيض من الواجبات الأخلاقية الكونية والشمولية مع كانط يتحدث نيتشه أن الواجبات هي قوانين للمحافظة على الحياة وتنميتها. كما أن الواجبات الأخلاقية ليست كونية بل هي نسبية مرتبطة بالأفراد. فلكل فرد أن يخترع لنفسه أمره الأخلاقي القطعي. إن كانط قد أسس اعتمادا على مفهوم الواجب، ما يمكن تسميته بمنطق الفعل الأخلاقي بنوع من الصورية والصرامة، صرامة تقصي الأهواء وتنفي خصوبة الحياة.


موقف جون ماري غويو (1854 - 1888)

الواجب فعل حر يرسخ استمرارية الحياة.

يرى غويو أن الفعل الأخلاقي لا يجب أن يصدر عن الزام و لا عن خوف من أي جزاء أو عقاب. إنما يكون هو فعلا تأسيسيا لمسار الحياة الذي لا ينتهي و لغايات حددتها الطبيعة الإنسانية بوصفها فاعلية مطلقة نحو الحياة. لكن الواجب الأخلاقي من وجهة النظر الطبيعية هاته التي ليس فيها شيء غيبي يرتد إلى القانون الطبيعي الشامل ، فمصدره هو الشعور الفياض "بأننا عشنا و أننا أدينا مهمتنا ... و سوف تستمر الحياة بعدنا، من دوننا، و لكن لعل لنا بعض الفضل في هذا الاستمرار". و المنحى نفسه يتخذه نيتشه حين يؤسس الأخلاق على مبدأ الحياة بوصفها اندفاع خلاق محض. إذ الفعل الأخلاقي عند نيتشه ما يخدم الحياة ويزيد من قوتها و ليس ما يضعف الحياة ويزيد من محدوديتها. هكذا هو الخير و الشر عند نيتشه....


موقف دفيد هيوم (1711 - 1776)

الواجب الزام مجتمعي

يقسم دفيد هيوم الواجبات الأخلاقية إلى قسمين: واجبات طبيعية اختيارية ناتجة عن میل غريزي نحو فعل الخير دون الرغبة في تحقيق أية غايات نفعية كحب الأطفال والعطف على الفقراء ومساعدة المعوزين... وواجبات الزامية نابعة من تشريعات المجتمع وقوانينه، تكبح غرائز الإنسان وتهذب ميولاته الذاتية، فعلى الفرد أن يخضع لقوانين المجتمع الذي يعيش فيه عن طريق القيام بكل واجباته تجاه هذا المجتمع وإلا عمت الفوضى وسادت حالة اللانظام.


موقف إميل دوركايم (1858 - 1917)

الواجب فعل الزامي ومحط رغبة ايضا.

يتفق عالم الاجتماع « إميل دوركايم » مع موقف كانط في أن الواجب فيه نوع من الإكراه، لكنه يعتبر أن الواجب هو مرغوب فيه أيضا كشيء خَير أو طَيِّب. فالإنسان لا يستطيع أن يقوم بعمل ما فقط لأنه مطلوب منه فعله أو مأمور به، بل إنه «من المستحيل نفسيا أن نسعى نحو تحقيق هدف نجد في نفوسنا فُتُورًا ،تجاهه، بحيث لا يبدو لنا خيرا أو طيبا، أو لا يُحرك فينا أي إحساس»، وكلتا الصفتين ترجعان إلى كون «الواجب» يستند إلى المجتمع كسلطة أخلاقية تتعالى على إرادات الأفراد، « يقول دوركايم بأن المجتمع هو : «الذي بث فينا حين عمل على تكويننا خلقيا، تلك المشاعر التي تملي علينا سلوكنا بلهجة آمرة صارمة..... فضميرنا الأخلاقي لم ينتج إلا عن المجتمع ولا يعبر إلا عنه»، هكذا يكون المجتمع هو مصدر الواجب الأخلاقي من خلال السلطة التي يمارسها على الأفراد : عبر التربية والتنشئة الاجتماعية. إن الواجب حسب هذا الموقف إكراه أو إلزام اجتماعي خارجي يتجاوز إرادة الأفراد.


أمثلة من الواقع الواجب والإكراه

مثال لموقف إيمانويل كانط

  • يمكن التفكير في شخص يرفض الغش في الامتحان رغم غياب المراقبة ورغم معرفته بأن فرصة اكتشافه ضعيفة. هذا الامتناع لا يصدر عن خوف أو منفعة، بل عن احترامه لمبدأ عقلي كلي يجعل من الصدق قاعدة واجبة الاتباع في كل وضع، مهما كانت النتائج.
  • نجد مثالا واضحا في فرد يعثر على محفظة مليئة بالمال ثم يعيدها إلى صاحبها دون انتظار شكر أو مكافأة. هذا الفعل لا يتحدد بآثاره، بل بالنية الأخلاقية التي تحركه، لأن العقل عنده هو مصدر الإلزام وغاية الفعل في الآن ذاته.


مثال لموقف فريدريك نيتشه

  • يتجلى هذا التصور في فنان يرفض النسخ والانصياع لقواعد الفن المدرسي، ويبتكر أسلوبه الخاص الذي يعبر عن طاقته الخلاقة. هنا يصبح الفعل الأخلاقي هو ما يسمح بتمدد الحياة في الفرد، لا ما يقيده بمنطق الواجبات الصورية.
  • كما يمكن الاستشهاد بشخص يختار مسارا مهنيا مخالفا لتوقعات عائلته ومحيطه، لأنه يرى في ذلك تحقيقا لذاته وتجسيدا لقوته الداخلية. في هذا الوضع لا يكون الواجب مفروضا من الخارج، بل منبعثا من إرادة الحياة التي تدفعه نحو التفرد.


مثال لموقف جون ماري غويو

  • يتضح هذا الموقف في متطوع يشارك في إعادة تشجير منطقة محروقة دون انتظار جزاء. إن دافعه هو الإحساس بأنه يساهم في استمرار دورة الحياة، وأن فعله الحر يمنحه معنى يتجاوز حدود مصلحته الفردية.
  • كما يظهر في معلم يخصص ساعات إضافية لتلاميذ في حاجة إلى الدعم، ليس بدافع إلزام خارجي، بل من شعور داخلي بأن الطاقة التي يبذلها تعزز استمرار القيم الإنسانية في الأجيال القادمة. هنا يصبح الواجب تعبيرًا عن خصوبة الحياة ذاتها.


مثال لموقف ديفيد هيوم

  • يمكن الاستدلال بسائق يحترم قانون السير لأنه يدرك أن المجتمع وضع هذه القواعد لتنظيم التعايش ومنع الفوضى. التزامه لا ينبع من ميل ذاتي، بل من الإكراه القانوني الذي يفرضه الإطار الاجتماعي على الجميع بشكل عادل.
  • كما نلاحظ ذلك في المواطن الذي يؤدي الضرائب رغم عدم رغبته في التخلي عن جزء من دخله. الفعل هنا يخضع لتشريع جماعي يجعل من احترام القانون ضرورة لاستمرار النظام الاجتماعي، وليس مسألة ميول فردية.


مثال لموقف إميل دوركايم

  • يتجسد موقف دوركايم في طالب يشارك في تنظيف فضاء المدرسة استجابة لقاعدة جماعية تفرض النظام، لكنه في الآن نفسه يرى في الفعل قيمة إيجابية تمنحه شعورًا بالانتماء. الإلزام هنا يمتزج بالرغبة لأن المجتمع هو من شكل ضميره.
  • ويظهر هذا أيضا في موظف يلتزم بوقت العمل بدافع احترام القانون الداخلي للمؤسسة، لكنه يجد في ذلك تنظيما لحياته المهنية. الواجب يتخذ هنا شكل قوة اجتماعية تتجاوز إرادته، لكنها في الوقت نفسه تمنحه معنى وقيمة لفعله.


مفاهيم ومصطلحات محور الواجب والإكراه

الواجب: التزام أخلاقي يفرضه العقل أو المجتمع على الفرد بغض النظر عن رغباته أو مصلحته الشخصية.

الإكراه: ضغط خارجي أو داخلي يدفع الفرد للقيام بفعل معين، سواء قانوني أو أخلاقي.

الإلزام: التقييد القانوني أو الأخلاقي الذي يحث الفرد على احترام قواعد أو واجبات محددة.

الأخلاق: نظام المبادئ والقيم التي تحدد الصواب والخطأ في سلوك الإنسان.

الضمير الأخلاقي: إحساس داخلي يوجه الفرد نحو الفعل الصحيح ويحاسبه عند الانحراف.

الوعي الأخلاقي: إدراك الإنسان لما هو صواب وما هو خطأ، وقدرته على تقييم أفعاله وأفعال الآخرين وفق معايير أخلاقية.

الفرد: الكائن البشري باعتباره وحدة مستقلة قادرة على اتخاذ قرارات واعية وتحمل مسؤولية أفعاله في المجال الأخلاقي والاجتماعي.

القانون الأخلاقي: قاعدة عقلية أو اجتماعية تحدد ما يجب فعله، ويعتبر مرجعًا للفعل الأخلاقي.

الحرية الأخلاقية: قدرة الفرد على اتخاذ قرارات أخلاقية واعية دون تأثير الرغبات أو الإكراه الخارجي.

النزعة الفردية: اعتماد الفرد على إرادته الخاصة في تحديد واجباته وأخلاقياته.

الواجب الاجتماعي: الالتزامات الأخلاقية أو القانونية التي يفرضها المجتمع على أفراده للحفاظ على النظام.



خلاصة محور الواجب والإكراه

نستنتج في نهاية هذا المحور أن التفكير في مفهوم الواجب الأخلاقي يسمح بتعرف الإنسان بوصفه فاعلا حاملا لقيم أخلاقية يسعى لتجسيدها في علاقته بذاته وبغيره. غير أن طبيعة هذا الواجب ظلّت موضع اختلاف: فأحيانا يظهر الواجب بوصفه إكراها وإلزاما مرتبطا بالقهر الذي يمارسه القانون على الفاعل الأخلاقي، وأحيانا أخرى يبدو الواجب قدرة ومَيْلا طبيعيا وتلقائيا نحو الفعل لا يمليه أي إلزام أو إكراه.


قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

3332087102290997945

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث